متاع الغرور

فإن من أعظم الصوارف عن إرادة الدار الآخرة والسعي لها: تعلق القلب بالدنيا وضياعه بين أوديتها، ولذا تتابعت نصوص الوحي المبينة لحقيقة الدنيا من جهة هوانها ومن جهة سرعة زوالها أيضاً.

*وقد تعددت طرائق الوحي في تقرير حقيقة سرعة زوال مَتَاع الدنيا وانقضائه، ومن ألطف تلك الطرائق:*

*مقارنة سرعة زوال نعيم الدنيا ببقاء الآخرة!*
وَمِمَّا جاء في ذلك قوله سبحانه وتعالى:
﴿بَل تُؤثِرونَ الحَياةَ الدُّنيا ۝ وَالآخِرَةُ خَيرٌ وَأَبقى﴾ [الأعلى: ١٦-١٧]
فانظر كيف أبطل إيثار الحياة الدنيا على الآخرة بكون الآخرة خير وكونها أبقى! وكل واحد من هذين الوصفين للآخرة كاف بمفرده لقطع إيثار الدنيا على الآخرة فكيف وقد اجتمعا!

*ومن ألطف الآيات دلالةً على سرعة انقضاء الدنيا مقارنة بالآخرة قوله سبحانه حاكيا حال الكفار*:

﴿وَفَرِحوا بِالحَياةِ الدُّنيا وَمَا الحَياةُ الدُّنيا فِي الآخِرَةِ إِلّا مَتاعٌ﴾ [الرعد: ٢٦]

ويصور النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى اللطيف لأصحابه رضي الله عنهم بتمثيل بديع فيقول صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم من حديث المستورد بن شداد رضي الله عنه: (والله، ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم إصبعه  في اليم فلينظر بم ترجع ؟)

وبعد: فإنه مع تقرر حقيقة الحياة الدنيا في نفوس المؤمنين إلا أنّ كثيرا منهم يذهل عن هذه الحقيقة فلا تكون دائمة الحضور في قلبه!

اللهم ارزقنا البصيرة بحقيقة الدنيا ودوام استشعارها وأعمر أوقاتنا بمراضيك.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ميزان الصلاة

سيأتي أبي

وصايا للمعلمين